انقطاع المساعدات عن غزة بعد سيطرة إسرائيل على الجانب الفلسطيني من معبر رفح

من محمد سالم ونضال المغربي

رفح (قطاع غزة)/القاهرة (رويترز) - سيطر الجيش الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني من معبر رفح الحيوي بين قطاع غزة ومصر يوم الثلاثاء، مما أغلق ممر مساعدات رئيسيا للقطاع الذي صار على شفا مجاعة.

واتهمت حركة حماس إسرائيل بمحاولة تقويض محادثات الهدنة الجارية في القاهرة من خلال تصعيد الهجوم. وأدت الحرب التي دخلت شهرها الثامن إلى دمار كبير في أنحاء قطاع غزة الذي صار مئات الآلاف من سكانه مشردين وجوعى.

وأظهرت لقطات بثها الجيش الإسرائيلي دبابات عند معبر رفح ورفع العلم الإسرائيلي على الجانب الفلسطيني من المعبر.

وقالت وكالات إغاثة دولية إن إغلاق معبري رفح وكرم أبو سالم، وهما المعبران الرئيسيان المؤديان إلى جنوب قطاع غزة، أوقف فعليا دخول المساعدات الخارجية إلى القطاع الفلسطيني الذي لا يوجد به الآن سوى مخزون ضئيل.

وقالت مصادر في الهلال الأحمر في مصر إن المساعدات لغزة توقفت تماما عبر معبر رفح وعبر معبر كرم أبو سالم الذي تسيطر عليه إسرائيل.

وقال هشام عدوان المتحدث باسم هيئة المعابر في غزة لرويترز يوم الثلاثاء "الاحتلال الإسرائيلي يحكم على سكان القطاع بالموت بعد إغلاقه معبر رفح... إغلاق معبر رفح يحكم على مرضى السرطان بالموت في ظل انهيار المنظومة الصحية".

وجاءت الخطوة الإسرائيلية بإغلاق طريق مساعدات حيوي للفلسطينيين على الرغم من المناشدات الدولية لإسرائيل بوقف الهجوم على رفح. وناشدت الولايات المتحدة ودول وهيئات أخرى إسرائيل الامتناع عن شن هجوم كبير في منطقة رفح التي تقول إنها آخر معقل لمقاتلي حماس في القطاع المحاصر. ويوجد في رفح ما يربو على مليون مدني فلسطيني نازح.

ويبحث كثيرون في رفح الآن عن ملاذ آمن يذهبون إليه في القطاع الذي يتعرض للقصف دون توقف تقريبا منذ أن اقتحم مقاتلو حماس الحدود الإسرائيلية في السابع من أكتوبر تشرين الأول.

وتتكدس الأسر في مخيمات وملاجئ مؤقتة في ظل نقص الغذاء والمياه والدواء وغيرها من الضروريات. وتقول وكالات الإغاثة إن المجاعة وشيكة لأن المساعدات الغذائية لا تصل إلى الجيب.

وقال سكان إن دبابات وطائرات إسرائيلية أيضا هاجمت عدة مناطق ومنازل هناك خلال ليل الاثنين. وقالت وزارة الصحة في غزة إن الغارات الإسرائيلية على مختلف أنحاء القطاع أدت إلى مقتل 54 فلسطينيا وإصابة 96 آخرين خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية.

وأخذ الناس صباح يوم الثلاثاء يبحثون عن جثث تحت أنقاض المباني المدمرة. وتم نقل إحدى الجثث لدفنها.

وقال رائد الدربي الذي كان واقفا في أحد الشوارع إن زوجته وأطفاله قتلوا.

وأضاف لرويترز وعلى وجهه علامات الحزن الشديد "لا نقول إلا والله إنا صابرون وإنا محتسبون وإنا في هذه الأرض بإذن الله صامدون ننتظر التحرير وهذه المعركة بإذن الله معركة التحرير. سنكون بإذن الله وبالا على العدو. وعد الله سبحانه وتعالى ولن يخلف الله وعدا".

ووضعت أسر فلسطينية الأطفال والمتعلقات على عربات تجرها الحمير، بينما غادر آخرون بشاحنات صغيرة أو سيرا على الأقدام في الشوارع الموحلة.

وقال عبد الله النجار إن هذه هي المرة الرابعة التي ينزح فيها منذ بدء القتال قبل سبعة أشهر. وأضاف أنه لا يعلم إلى أين سيذهبون وأنه لم يقرر وجهتهم الجديدة بعد.

وقال الجيش الإسرائيلي إن ما وصفه بالعملية "محدودة النطاق" في رفح تهدف إلى القضاء على مسلحي حماس وتفكيك البنية التحتية التي تستخدمها الحركة التي تدير القطاع المحاصر.

وقالت إسرائيل إن الغالبية العظمى من السكان تم إجلاؤهم من منطقة العمليات العسكرية وأخبرتهم بالانتقال إلى ما وصفها الجيش الإسرائيلي بأنها "منطقة إنسانية موسعة" على بعد نحو 20 كيلومترا.

وقال مسعفون وسكان إن المرضى بدأوا في مغادرة مستشفى أبو يوسف النجار بشرق رفح بعد أن تلقى السكان وبعض من كانوا داخل المستشفى مكالمات هاتفية تطالبهم بإخلاء المناطق التي قال الجيش الإسرائيلي إنها قتالية.

* ’ليست آمنة’

وفي جنيف، قال ينس لايركه المتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة إن "الذعر واليأس" يسيطران على الناس في رفح.

وأضاف أن القانون الدولي يشترط منح الناس الوقت الكافي للاستعداد للإخلاء مع وجود ممر آمن يوصلهم لمنطقة آمنة تصل إليها المساعدات.

وقال إن المنطقة التي سُمح للنازحين من رفح بالذهاب إليها "مليئة بذخائر لم تنفجر بعد وقنابل كبيرة ملقاة في الشوارع. إنها ليست آمنة".

وقالت وزارة الصحة في قطاع غزة إن ما لا يقل عن 34789 فلسطينيا قتلوا ومعظمهم من المدنيين في الهجوم العسكري الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر تشرين الأول.

واندلعت أحدث حرب في غزة عندما هاجم مقاتلو حماس إسرائيل في السابع من أكتوبر تشرين الأول. وتقول إسرائيل إن الهجوم أدى لمقتل نحو 1200 إسرائيلي وأجنبي واحتجاز نحو 250 رهينة، تعتقد أن 133 منهم ما زالوا في غزة.

وناشد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش يوم الثلاثاء إسرائيل وحماس بألا تدخرا جهدا في إبرام اتفاق هدنة وحذر إسرائيل من أن أي هجوم على رفح سيكون "خطأ استراتيجيا وكارثة سياسية وكابوسا إنسانيا".

وقال جوتيريش لصحفيين "أنا منزعج ومستاء من تجدد النشاط العسكري في رفح". وأضاف "إغلاق معبري رفح وكرم أبو سالم ضار على وجه الخصوص بوضع إنساني أليم بالفعل. لا بد أن يعيدوا فتحهما على الفور".

وقالت حماس مساء الاثنين إنها وافقت على اقتراح لوقف إطلاق النار لكن إسرائيل قالت إن الشروط الواردة في الاتفاق المقترح لا تلبي مطالبها. وأضافت يوم الثلاثاء أن التوغل الإسرائيلي في رفح يهدف إلى تقويض جهود وقف إطلاق النار.

لكن يبدو أن مختلف الأطراف المنخرطة في الأزمة مستعدة لإجراء محادثات أخرى يوم الثلاثاء.

وقال مسؤول مطلع على المحادثات إن وفدا إسرائيليا وصل إلى العاصمة المصرية القاهرة على الرغم من أن إسرائيل أكدت مجددا أن هدفها هو القضاء على حماس.

وقال مسؤول فلسطيني مطلع على جهود الوساطة لرويترز إن وفدا من حماس قد يصل القاهرة في وقت لاحق من يوم الثلاثاء أو الأربعاء لبحث اتفاق لوقف إطلاق النار.

وستكون أي هدنة أول توقف للقتال منذ وقف لإطلاق النار استمر أسبوعا في نوفمبر تشرين الثاني وأفرجت حماس خلاله عن نحو نصف الرهائن وأفرجت إسرائيل عن 240 فلسطينيا كانوا محتجزين في سجونها.

ومنذ ذلك الحين تعثرت جميع الجهود الرامية إلى التوصل إلى هدنة جديدة إذ ترفض حماس إطلاق سراح المزيد من الرهائن من دون تعهد بوقف دائم للحرب بينما تصر إسرائيل على مناقشة وقف مؤقت فقط.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية "ما زلنا نعتقد بأن اتفاق الرهائن يصب في مصلحة إسرائيل والشعب الفلسطيني، وسيؤدي إلى اتفاق وقف إطلاق نار فوري وسيسمح بزيادة المساعدات الإنسانية إلى غزة".

(إعداد أميرة زهران وشيرين عبد العزيز ومحمد علي فرج للنشرة العربية - تحرير علي خفاجي)

2024-05-07T15:51:23Z dg43tfdfdgfd