قبل هجوم متوقع على رفح.. فلسطينيون لا يعلمون إلى أي أرض ينزحون

من نضال المغربي وحاتم خالد

القاهرة/غزة (رويترز) - مع احتدام المعارك على مشارف مدينة رفح يوم الأربعاء واقتراب القوات الإسرائيلية، بدأ الفلسطينيون في النزوح مرة أخرى خارجين من المدينة الواقعة في جنوب قطاع غزة لتتحول أحياؤها إلى مدن أشباح.

وهددت إسرائيل بهجوم كبير على رفح لإلحاق الهزيمة بآلاف من مقاتلي حركة المقاومة الإسلامية (حماس) الذين تقول إنهم يتحصنون هناك، لكن أكثر من مليون شخص يحتمون بالمدينة، مما دفع الأمم المتحدة إلى التحذير من وقوع كارثة إنسانية.

وسيطرت القوات الإسرائيلية المكلفة بتدمير حماس يوم الثلاثاء على المعبر الحدودي الرئيسي بين غزة ومصر في رفح فقطعت طريقا حيويا لتوصيل المساعدات إلى القطاع الذي ينتشر فيه سوء التغذية.

وقال الجيش الإسرائيلي إنه يقوم بعملية محدودة في رفح لقتل المسلحين وتفكيك البنية التحتية التي تستخدمها حماس التي تدير قطاع غزة. وطلب الجيش من المدنيين التوجه إلى "منطقة إنسانية موسعة" على بعد نحو 20 كيلومترا.

وقال ثلاثة من سكان رفح لرويترز عبر الهاتف إن عشرات الآلاف فروا من المدينة التي كانت تعتبر الملاذ الأخير للفلسطينيين الذين نزحوا مرات بسبب الضربات الجوية الإسرائيلية التي دمرت غزة.

وأمر الجيش الإسرائيلي سكان أحياء الجنينة والشوكة والسلام وأحياء أخرى بالمغادرة قبل شن هجوم. ويلجأ نحو 1.4 مليون شخص إلى رفح مما يفاقم احتمالات وقوع خسائر كبيرة.

وقال عارف (35 عاما) الذي طلب عدم نشر اسمه الكامل خوفا من الانتقام الإسرائيلي "بعض الشوارع شكلها كما لو كانت مدينة أشباح".

وأضاف لرويترز عبر تطبيق للدردشة "لا نخاف من الموت والشهادة ولكن عنا (لدينا) أطفال نعتني فيهم وكمان لازم نعيش مشان (كي) لما تخلص الحرب نعمر غزة".

واندلعت الحرب بعد هجوم حماس في السابع من أكتوبر تشرين الأول الذي تمخض عن مقتل 1200 شخص واقتياد أكثر من 200 رهينة إلى القطاع، وفقا لإحصائيات إسرائيلية.

* تحذيرات

وردت إسرائيل بضربات جوية ومدفعية أسفرت عن مقتل نحو 35 ألف شخص، بحسب السلطات الصحية في غزة، وحولت جزءا كبيرا من واحدة من أكثر المناطق اكتظاظا بالسكان في العالم إلى خرائب.

وقال كثيرون من سكان رفح إنهم تلقوا تحذيرات عبر هواتفهم، وإن طائرات ألقت بمنشورات.

وقالت جولييت توما، المتحدثة باسم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، إن نحو 10 آلاف فلسطيني غادروا رفح منذ يوم الاثنين.

وأوضح المكتب الإعلامي الحكومي في غزة الذي تديره حماس أن عدد المغادرين بلغ عشرات الآلاف وحذر من وقوع "مجزرة".

وأشار سكان إلى أن الدبابات التي تحركت للسيطرة على المعبر لم تدخل المناطق المأهولة وأن المعارك ما زالت تدور خارج حدود المدينة.

وقال سليمان أبو كويك "هذه النزحة الرابعة، بيوتنا اتدمرت في غزة وطلعنا من غزة على خان يونس وهددوا خان يونس طلعنا على رفح قعدنا نضفنا في الدار هنا يعني مكان قعدنا فيه... مش عارفين وين نروح".

وقالت حماس إن مسلحيها يقاتلون القوات الإسرائيلية في شرق رفح. وأضاف سكان أن أعمدة الدخان تصاعدت من أماكن شرقي المدينة نتيجة للضربات الجوية والقصف بالدبابات.

وقال محمد عماد (34 عاما) وهو أب لثلاثة أطفال إن بعض الناس ما زالوا يقيمون في منازلهم، حتى في المناطق التي حذر الجيش من التواجد فيها لكن عشرات الآلاف غادروا رفح بالفعل بما في ذلك من مناطق غرب المدينة التي لم يشملها تحذير جيش الاحتلال.

وقال أبو أحمد النجار إن أكثر من 60 عائلة تعيش في مخيمات بحي الجنينة في رفح غادرت المنطقة في وقت متأخر يوم الثلاثاء.

وأضاف أن "65 عائلة، يعني حوالي 400 شخص، هم الآن بلا بيوت، الناس ما معها مصاري (نقود) ولا خيام ولا حدا يدعمهم".

وكان مازن غدور يضع ما لدي أسرته من متاع قليل على متن شاحنات قديمة ويهمون بالرحيل.

وقال غدور "الله يعلم وين نروح والله رايحين للمجهول... للمجهول رايحين، حسبنا الله ونعم الوكيل.... يا الله افرجها علينا يارب هذه النزلة (النزوح) التالتة ولا الرابعة والله ما انا عارف... والله ما عارفين بدنا نروح... بيتنا انضرب واتهدم واحنا كمان، بنات عندي وولاد عندي، يعني احنا حوالي يجي تمن عيل تسع عيل (ثماني أو تسع عائلات) في هذا الدار، وين ألاقي مكان أخلوا (متى نجد مكانا يطالبونا بالرحيل) طيب وين نروح، بدنا نضطر نطلع من هاي البيت اللي كان مأوينا بقدر المستطاع (الذي كان يؤوينا بالكاد) طيب وين بدنا نروح؟ بنروج بيت تاني؟ ياريب بيت تاني... نشوف لنا خيم، نشوف لنا مكان... وربنا يجيب إللي فيه الخير".

وأضاف "رايح على المجهول، مش عارف ايش ألاقي قدامي... ها ألاقي مكان مش ها ألاقي مكان والله ما أنا عارف ولا إشي. حسبنا الله ونعم الوكيل... والله المستعان واحنا عنا أطفال وكبار وصغار... يعني بأقولك إحنا تمن أسر أو تسع أسر وفينا أطفال وكبار وصغار ولا ما إحنا عارفين وين بنروح عايشين في رعب خوف... مفيش مكان آمن في قطاع غزة كل إللي بيكون آمن، بيرجعوا يقصفوه مفيش مكان آمن، الأمن بالله سبحانه وتعالي".

(إعداد محمد حرفوش للنشرة العربية - تحرير أيمن سعد مسلم)

2024-05-08T16:05:12Z dg43tfdfdgfd