وافقت دول الاتحاد الأوروبي على استخدام ما يقدر بنحو 3 مليارات يورو من الأرباح الناتجة عن أصول الدولة الروسية المجمدة لشراء أسلحة مشتركة لأوكرانيا.. فما هي تفاصيل ذلك الاتفاق؟ وما التداعيات المحتملة له؟ وكيف يمكن لروسيا الرد؟
يستهدف الاتفاق الذي أبرمه سفراء الكتلة البالغ عددهم 27 سفيراً، الأربعاء الماضي، فقط الأرباح التي حققتها مؤسسة الإيداع المركزي للأوراق المالية البلجيكية يوروكلير، حيث يتم الاحتفاظ بحوالي 190 مليار يورو من أصول البنك المركزي الروسي.
ويشار إلى أن الدول الغربية قامت بتجميد أصول الدولة الروسية في الخارج في عام 2022، ردًا على الحرب في أوكرانيا.
وتتوقع المفوضية الأوروبية أن تقوم يوروكلير بتسليم حوالي 3 مليارات يورو سنويًا سيتم تحويلها إلى أموال الكتلة مرتين سنويًا، ومن المتوقع أن يتم الدفع الأول في يوليو.
وسيتم تطبيق هذا الإجراء على الأرباح التي بدأت يوروكلير في تحقيقها اعتبارًا من منتصف فبراير 2024، بحسب تقرير نشرته صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية.
ووفق الصحيفة، فإن:
تأتي هذه الخطوة، التي استغرق إعدادها عدة أشهر، بعد أن رفض أعضاء الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك ألمانيا وإيطاليا وفرنسا، المطالب الأوكرانية المدعومة من الولايات المتحدة بمصادرة نحو 260 مليار يورو من أصول الدولة الروسية الأساسية المجمدة في الخارج. وقالت برلين وباريس وروما إن مثل هذه الخطوة الجذرية قد تكون لها تداعيات قانونية ومالية.
واقترحت الولايات المتحدة بشكل منفصل أيضًا إصدار ديون بقيمة 50 مليار دولار لأوكرانيا وسدادها مع الأرباح المستقبلية المتوقعة من أصول الدولة الروسية.
أخبار ذات صلة
وأشار تقرير الصحيفة البريطانية إلى أنه من شأن هذه الخطة أن تولد المزيد من الأموال لكييف، لكن الاتحاد الأوروبي يقول إنها معقدة للغاية وطويلة، في حين أن الأولوية يجب أن تكون لإيصال الأموال إلى أوكرانيا بسرعة.
بلجيكا، التي تفرض ضريبة على الشركات بنسبة 25 بالمئة، كسبت نحو 1.6 مليار يورو منذ بداية الحرب من أرباح يوروكلير المرتبطة بالأصول الروسية. وقال رئيس الوزراء ألكسندر دي كرو إن بلاده خصصت هذه الإيرادات "للنفقات المتعلقة بأوكرانيا".
ومن المتوقع هذا العام أن ترتفع عائدات الضرائب من يوروكلير المرتبطة بالأصول الروسية إلى 1.7 مليار يورو، منها مليار يورو مخصصة للمساعدة العسكرية لكييف، وفقا للحكومة البلجيكية.
وبعد ضغوط من الولايات المتحدة والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي للتخلي عن هذا الدخل الضريبي، قالت بلجيكا إنها ستكون منفتحة على "ترتيب طوعي" مع شركاء الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع للحصول على إيرادات ضريبة الشركات من الأرباح الناشئة عن الأصول الروسية اعتبارًا من عام 2025.
وقال دي كرو إن ذلك يجب أن يتم "بالتوافق مع شركاء الاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع الذين يمتلكون مثل هذه الأصول أيضا"، وأن هذا يمكن أن "يعزز بشكل كبير دعمنا المالي لأوكرانيا ويحافظ عليه ويساعدهم على الفوز في هذه الحرب".
الرد الروسي
من جانبه، يوضح الاستاذ بكلية موسكو العليا للاقتصاد، رامي القليوبي، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أن الاتفاق على استخدام عائدات الأصول الروسية المجمدة في الاتحاد الأوروبي يعني:
لكنه يستبعد في الوقت نفسه أن تستخدم روسيا ذات السلاح للرد على دول الاتحاد الأوروبي، موضحاً أنه من الناحية النظرية يمكن لروسيا إيجاد بعض الأصول الغربية في الداخل الروسي ووضع اليد عليها، لكنها الآن تسعى إلى تنويع علاقاتها الخارجية وإيجاد شركاء كبدائل للغرب، وأنها من أجل ذلك تحتاج إلى رسم صورة تفيد بأنها تقدم ضمانات حقيقية لأي استثمارات تأتي إلى أراضيها.
وكان الكرملين قد حذر الاتحاد الأوروبي من استخدام عائدات الأصول الروسية المجمدة لتسليح أوكرانيا، مؤكداً أن "هذه القرارات المتعلقة بالأصول، ستكون لها عواقب وخيمة للغاية على من اتخذوها". وأكد المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن الغرب لا يزال لديه في روسيا الكثير من الأموال التي يمكن استهدافها بإجراءات مضادة من موسكو.
واعتبر بيسكوف أن قرار المصادرة للأصول الروسية، سيكون بمثابة "المسمار الأخير" في نعش النظام الاقتصادي للدول الغربية، مشيراً إلى أن موثوقية الغرب في أعين المستثمرين ستتلاشى بين عشية وضحاها بمجرد اتخاذهم قرار مصادرة الأصول الروسية المجمدة.، فضلاً عن أن مثل هذه القرارات سيكون لها آفاق قضائية واسعة".
انتهاكات
من جانبه، فإن المحلل الروسي الباحث في جامعة الصداقة بين الشعوب في روسيا، ديمتري بريجع، يؤكد في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أن مصادرة الأموال الروسية يمثل انتهاكًا صريحًا لمفهوم الرأسمالية والاقتصاد الحر الذي تكرست مبادئه بعد الحرب العالمية الثانية، ووفقًا لتلك المبادئ يتم احترام الممتلكات الخاصة لرجال الأعمال والشركات وغيرها.
وبشأن تبعات ما وصفه بـ "الانتهاك الصريح"، فإن ذلك يعني أن أية دولة بعد ذلك يُمكن أن تقوم بنفس النهج (اتساقاً مع الأغراض والتجاذبات السياسية)، موضحاً أن روسيا أيضًا بدأت تفكر في حجز الممتلكات الخاصة بشركات أجنبية ورجال أعمال أجانب من دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية في داخل روسيا.
وفسر الموقف الأميركي والغربي من استخدام الأصول الروسية، بأنه محاولة لسحب الأموال الروسية لصالح أوكرانيا لتخفيف الضغط عليهما، ذلك أن "أميركا والغرب لا يريدان تمويل أوكرانيا من أموال الخزانة العامة لدى الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي، ولذلك يسحبون الأموال من روسيا"، وهم بذلك يحاولون معاقبة روسيا على العملية العسكرية في أوكرانيا.
ويوضح أن هذه الخطوة سيكون لها ثمن كبير في المستقبل، لافتاً إلى أن رجال الأعمال والشركات الروسية لن تعيد علاقاتها مع الغرب، ويتوقعون أن هناك تداعيات على أي استثمارات بسبب أي تغيرات بالسياسة الدولية، وحتى الدول الأخرى -ليس فقط روسيا- ستكون لديها مخاوف من الاستثمار في الدول الغربية، مشددًا على أن تبعات هذا الاتفاق ستكون مدمرة للاقتصاد الدولي، في تقديره.
ويتوقع أن أن يكون لروسيا رد اقتصادي مباشر، خاصة وأن هناك ممتلكات خاصة مملوكة للغرب في الأراضي الروسية، فقد تسحبها وتستعملها من أجل اعطائها إلى شرائح معينة من الشعب الروسي.
حرب الأصول