محمية "هورنستراندير" الطبيعية .. مملكة الثعالب القطبية

من إيزابيلا مودلر

هورنستراندير 9 آيار/مايو (د ب أ) – تعتبر أيسلندا من الوجهات السياحية الرائعة في شمال أوروبا وتتألق بجمال المروج الخضراء والشواطئ والوديان والجبال والقمم البركانية، كما أنها توفر فرصة رائعة لمتابعة الطيور النادرة ومشاهدة الشفق القطبي أو مشاهدة الحيتان.

وتعرف مملكة الثعالب القطبية في أيسلندا باسم "هورنستراندير"، وهي عبارة عن شبه جزيرة في إقليم المضايق "ويستفورد"، وتبدو الثعالب القطبية هنا ودودة للغاية؛ لأنها في محمية طبيعية، في حين أنه يمكن اصطيادها في أجزاء أخرى من أيسلندا.

مغامرة حقيقية

ويعد الوصول إلى محمية "هورنستراندير" بمثابة مغامرة حقيقية؛ نظرا لأنه لا يمكن الوصول إليها إلا بواسطة العبّارات الصغيرة، ويبحر القارب من مدينة "أسافيوردور" عاصمة إقليم المضايق "ويستفورد"، ويشاهد السياح خلال تلك الرحلة المنازل الخشبية الملونة، والتي بناها تجار الأسماك خلال القرنين الثامن والتاسع عشر، ومن هنا تبدأ الرحلة عبر الزمن.

وخلال الرحلة تهز الأمواج القارب بعنف، ويتناثر رذاذ الماء في الهواء، ويمر القارب بكتل الجليد والمنحدرات الوعرة، وقد يصادف السياح بعض الحظ ويشاهدون الفقمات والحيتان خلال هذه الرحلة، التي تستغرق حوالي ساعة من الزمن، ولا يوجد سوى "جرونلاند" في الشمال.

وفي السابق كان يعيش سكان "هورنستراندير" على صيد الحيتان في المقام الأول؛ نظرا لأن الزراعة لم تكن ممكنة في هذه المنطقة، ولكن بعد حظر صيد الحيتان تحول الكثير من الصيادين إلى صيد أسماك الرنجة، غير أن هناك الكثير من الأماكن الأخرى، التي توفر فرصة أفضل لصيد الأسماك، وهو ما أدى إلى اختفاء السكان خلال حقبة الخمسينيات من القرن المنصرم؛ حيث دفعهم الشتاء القاسي والطبيعة الخشنة وظروف المعيشة الصعبة إلى الرحيل إلى أماكن أخرى.

مصنع الحيتان القديم

وتعتبر أطلال مصنع الحيتان القديم بالقرب من قرية الصيادين "هيستري" أحد الشواهد على هذه الفترة، ويمكن للسياح الوصول إلى هذا المصنع عن طريق السير على المسار الضيق على الساحل واتباع العلامات في الاتجاه إلى "ستيكييري".

وعند زيارة المصنع يشاهد السياح الخزانات الصدأة، كما تهدم المبنى المشيد من الطوب بدرجة كبيرة، ولكن المدخنة لا تزال عالقة بالأعلى، ويعتبر هذا الموقع من الاختيارات الرائعة لعشاق التصوير، عند الرغبة في التقاط صور للأماكن المفقودة، كما أن الطبيعة استعادت سطوتها على هذه المنطقة بقوة.

طيور نادرة

وقد تم إعلان منطقة "هورنستراندير" محمية طبيعية منذ عام 1975، وإلى جانب الثعالب القطبية ينعم السياح وعشاق التصوير في شبه الجزيرة بمشاهدة العديد من الطيور النادرة والكثير من المناظر الطبيعية الخلابة، وعلى الجانب الشرقي من شبه الجزيرة يوجد تل يصل ارتفاعه إلى 500 متر، ويعيش عليه العديد من الطيور مثل فلمار القطب الشمالي والمور رفيع المنقار والببغاء الغطاس.

وعند التجول في المحمية الطبيعية يشعر السائح كأنه يقف وسط بطاقة بريدية جميلة؛ حيث تتدفق الجداول أسفل التلال الخضراء، وتتراقص عشبة القطن ذات الأوراق النحيفة في مهب الريح، ويبدو المشهد كأنه من عالم الخيال.

وحيثما نظر السياح سيمتد المشهد أمامهم إلى ما لانهاية، وهو ما تتميز به أيسلندا، إلا أن محمية "هورنستراندير" محدودة المساحة ويحدها مستنقع "سكوراراهي" ومضيقين جليديين، ولا يوجد أي طريق إلى شبه الجزيرة حتى الآن، ولا يزال عدد قليل من الأيسلنديين يمتلكون منازل صيفية في هذه المنطقة.

وتعيش عائلة من الثعالب القطبية بالقرب من مصنع الحيتان القديم، وعندما تظهر مجموعة سياحية لا تتردد هذه الحيوانات في البحث عن طعامها؛ حيث تتغذى الثدييات البرية الوحيدة في أيسلندا على بيض الطيور والكتاكيت والأعشاب البحرية والأسماك الصغيرة في بعض الأحيان، وعلى الرغم من أن بعض السائحين يصورن الثعالب بحماس شديد، إلا أن هذه الحيوانات تواصل بحثها عن الطعام.

وتتكيف الثعالب الشمالية مع البيئة بشكل مثالي؛ حيث يكون فراؤها باللون الرمادي والبني خلال فصل الصيف، ويتحول لونه إلى الأبيض مثل الثلج خلال فصل الشتاء، ويقال إن هذه الحيوانات جاءت من "جرونلاند".

وتظهر حيوانات الفقمة فجأة في المضيق البحري المجاور، ويأخذها الفضول لكي تخرج من المياه للتعرف على المجموعة السياحية، ثم تقفز في المياه مجددا، ومع حلول فصل الشتاء تستمع الحيوانات البرية وحدها بمحمية "هورنستراندير".

2024-05-09T03:10:45Z dg43tfdfdgfd