حزم أوروبي تجاه الصين في المسائل التجارية ودعوة مشتركة إلى "هدنة أولمبية" في مستهل زيارة شي لفرنسا

لمس الرئيس الصيني شي جينبينغ الإثنين في مستهل زيارة دولة يجريها إلى فرنسا حزما أوروبيا بشأن مسائل تجارية متراكمة، مبديا تأييده "هدنة أولمبية" ينادي بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

ووصل شي الأحد الى العاصمة الفرنسية حيث كان في استقباله رئيس الوزراء غابريال أتال، في محطة أولى ضمن زيارة أوروبية ستشمل صربيا والمجر، وهي الأولى للرئيس الصيني للقارة العجوز منذ العام 2019 وتتزامن مع ذكرى مرور 60 عاما على إقامة العلاقات الدبلوماسية الفرنسية الصينية.

وعبّر ماكرون ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين الاثنين عن موقف حازم بشأن القضايا التجارية خلال اجتماع في الإليزيه مع الرئيس الصيني.

وشدّد ماكرون خلال الاجتماع على أهمية اعتماد "قواعد عادلة للجميع" مع تصاعد الخلافات التجارية بين أوروبا والصين. من جهتها، أكدت فون دير لايين أن "أوروبا لن تتردد في اتخاذ قرارات حازمة" إذا لزم الأمر "لحماية اقتصادها وأمنها".

وقالت فون دير لايين "لدينا مصلحة في إظهار أن تعاوننا يؤتي ثماره" متحدّثة عن "التحدي" المتمثل في "العلاقة الاقتصادية الجوهرية" بين بروكسل وبكين ومطالبة بـ"مساواة في الوصول إلى الأسواق".

وكانت قد أشارت قبل الاجتماع إلى أن أوروبا لا يمكنها "أن تقبل" بـ"تجارة غير عادلة" ناجمة عن تدفق السيارات الكهربائية أو الفولاذ الصيني المصنّع بفضل "الإعانات الضخمة".

واعتبر شي في رده أن "المشكلة المسماة فائض القدرة لدى الصين غير موجودة"، مشددا على أن "القطاع الصيني للطاقة الجديدة" أتاح "زيادة العرض العالمي وتخفيف الضغوط التضخمية العالمية". وأضاف "ما يسمى مشكلة القدرة الفائضة للصين غير موجودة، سواء من حيث الميزة النسبية أو في ضوء الطلب العالمي".

- إهداء قوارير من الكونياك -

وفي ظل المخاوف الأوروبية من التراجع اقتصاديا في ظل التنافس بين القوتين الأوليين في العالم، أي الولايات المتحدة والصين، فتحت بروكسل خلال الأشهر الماضية سلسلة تحقيقات بشأن حزم الدعم التي تقدمها الحكومة الصينية لبعض القطاعات الصناعية خصوصا السيارات الكهربائية.

ويخشى الأوروبيون والأميركيون من أن هذا الدعم الحكومي يقوّض المنافسة وقد يلحق ضررا بالاقتصاد العالمي.

وتتهم بكين أوروبا بـ"الحمائية" وتعتزم جعل موقفها واضحا في باريس.

وفتحت الصين بدورها تحقيقا بشأن الدعم الحكومي لبعض المنتجات مثل مشروب الكونياك الفرنسي.

في هذا الإطار، قدّم ماكرون لنظيره الفرنسي قوارير من الكونياك الفرنسي ورحّب برغبة نظيره الصيني "بمطالبة جميع الأطراف المعنية" في مختلف النزاعات بإعلان "هدنة أولمبية".

وفي معرض دعوته إلى "إطار للتنافس العادل" أكد أن النقاش أتاح "توضيح" التباينات من أجل "تنقية العلاقات الاقتصادية وإعطائها دفعا جديدا".

وجرى توقيع عقود تجارية عدة بين شركات فرنسية وصينية الإثنين بمناسبة زيارة الرئيس الصيني، لا سيما في مجالات الطاقة والنقل والتمويل، وفق الإيليزيه.

وفي ما يتعلق بالقضية الرئيسية الأخرى حاليا، دعا ماكرون إلى تنسيق "حاسم" بشأن الحرب في أوكرانيا على أمل ألا تزيد بكين دعمها لروسيا، في حين قالت فون دير لايين إن الاتحاد الأوروبي وباريس يعوّلان على الصين "لاستخدام كل تأثيرها على روسيا" لوقف حرب أوكرانيا.

وأضافت "لقد أدى الرئيس شي دورا مهما في الحد من التهديدات النووية غير المسؤولة لروسيا، وأنا واثقة من أنه سيواصل القيام بذلك".

وقال ماكرون في بداية اللقاء "مستقبل قارتنا سيعتمد بوضوح على قدرتنا على مواصلة تطوير علاقاتنا مع الصين بطريقة متوازنة"، مضيفا "الوضع على الساحة الدولية يحتاج بوضوح أكثر من أي وقت مضى إلى هذا الحوار الأوروبي الصيني".

وأثنى ماكرون الإثنين على "الالتزامات الصينية... بالامتناع عن بيع أي أسلحة (وتقديم) أي مساعدة لموسكو"، في تصريح للصحافيين في باريس إلى جانب نظيره الصيني.

لكن الرئيس الصيني حذّر الإثنين من تشويه صورة بلاده بسبب الحرب في أوكرانيا، مؤكداً أن بكين لعبت "دوراً إيجابياً" في محاولة إيجاد حل سلمي للغزو الروسي.

وقال "نحن نعارض استخدام أزمة أوكرانيا لإلقاء اللوم، وتشويه صورة دولة ثالثة والتحريض على حرب باردة جديدة". وأضاف "نحن لا نقف موقف المتفرج من الأحداث ... لقد لعبنا دائماً دوراً إيجابياً في تحقيق السلام".

تؤكد الصين رسميا أنها على الحياد في حرب أوكرانيا، إلا أنها تعرضت لانتقادات غربية على خلفية عدم إدانتها الغزو الروسي. كما شهدت العلاقات بين موسكو وبكين تقاربا منذ اندلاع النزاع في شباط/فبراير 2022.

ويؤكد الاليزيه أن ما تريده فرنسا هو "تشجيع (الصين) على استخدام" نفوذها لدى روسيا "للمساهمة في حلّ للنزاع".

- إثارة "التباينات" -

وكان ماكرون نقل الرسالة نفسها قبل عام خلال زيارة الدولة التي قام بها الى الصين، وحقق نتائج متواضعة.

وقال شي في مقال نشرته صحيفة لوفيغارو الفرنسية الأحد "نأمل أن يعود السلام والاستقرار بسرعة إلى أوروبا، ونعتزم العمل مع فرنسا والمجتمع الدولي برمته لإيجاد سبل جيدة لحل الأزمة" في أوكرانيا.

سيحاول ماكرون تكرار هذا الموقف خلال محطة في جبال البيرينيه الثلاثاء، ستكون شخصية أكثر إذ يترافق فيها الرئيسان مع زوجتيهما. وتهدف هذه المأدبة في ممر تورماليه الجبلي حيث كان ماكرون يمضي إجازاته طفلا لدى جدته، إلى كسر البروتوكول الدبلوماسي وخوض نقاش صريح ومباشر خصوصا بشأن أوكرانيا.

أما بشأن قضايا حقوق الانسان في الصين، فأكد ماكرون أنه يؤثر التطرق إلى "التباينات... خلف الأبواب الموصدة". ولا تصرّ باريس على منح مسألة تايوان أولوية، على رغم ما تشكّله من نقطة خلاف أساسية بين بكين وواشنطن.

وتجمع المئات من الناشطين التبتيين الأحد في ساحة الجمهورية في باريس احتجاجا على زيارة الرئيس الصيني إلى فرنسا متحدثين عن "دولة حقوق الإنسان" التي ترحب بـ"ديكتاتور". 

بور-ففف-ار/كام-كبج-الح-ود/لين

2024-05-06T04:23:41Z dg43tfdfdgfd