جامعة كاليفورنيا-بيركلي تتبنى نهج عدم التدخل في احتجاجات غزة بالحرم الجامعي

من أندرو هاي

(رويترز) - وصل التوتر بين إدارة جامعة كولومبيا والطلبة المحتجين على الحرب الإسرائيلية في غزة إلى حد دخول العشرات من أفراد شرطة نيويورك إلى حرم الجامعة لإزالة مخيم احتجاجي وإلقاء القبض على متظاهرين سيطروا على أحد المباني الدراسية.

وكانت هذه هي المرة الثانية خلال أسبوعين التي تدعو فيها إدارة الجامعة الشرطة للسيطرة على الاحتجاجات. ومنعت الإدارة طلبة من دخول فصولهم الدراسية وهددتهم بالفصل من الجامعة. وتتمركز الشرطة الآن على مدار الساعة في الحرم الجامعي.

لكن المشهد مختلف تماما داخل جامعة كاليفورنيا-بيركلي على بعد نحو 4800 كيلو متر إذ يواصل الطلبة حتى الآن تنظيم مظاهراتهم دون إلقاء القبض على أي منهم أو تعطيل الدراسة.

ويوضح التناقض في مسار الاحتجاجات في المؤسستين المرموقتين، ولكليهما تاريخ طويل من النشاط الطلابي، مجموعة من العوامل المؤثرة في كيفية تعامل مديري الجامعتين والطلبة والشرطة مع ما يمكن أن يتحول بسرعة إلى أزمة كاملة.

وفي جنوبي بيركلي بجامعة كاليفورنيا-لوس انجليس، وهي جزء من نفس النظام الجامعي، سوت الشرطة صباح يوم الخميس مخيما مؤيدا للفلسطينيين بالأرض، غداة تعرضه لهجوم من محتجين مناهضين مؤيدين لإسرائيل. وأعلنت إدارة الحرم الجامعي أن المخيم تجمع غير قانوني.

لكن شرطة مكافحة الشغب في لوس أنجليس داهمت الأسبوع الماضي حرم جامعة جنوب كاليفورنيا الخاصة وألقت القبض على العشرات من المحتجين المؤيدين للفلسطينيين.

ووقعت حملات قمع مماثلة في جامعات أخرى بأنحاء الولايات المتحدة منها أريزونا ستيت وفرجينيا للتكنولوجيا وأوهايو ستيت وييل. وألقت الشرطة حتى الآن القبض على ما يزيد على 1000 طالب.

ونجحت بعض الجامعات حتى الآن في تجنب حدوث مواجهات بين الشرطة والطلبة، ومنها بيركلي ونورث وسترن وبراون.

يقول خبراء التعليم إن هذه الحالات تقدم دروسا في منع تصاعد التوتر، وأهم تلك الدروس أن تجرب الجامعة كيفية تحقيق التوازن بين النشاط الطلابي وضغوط المانحين ومجموعات المصالح والسياسيين.

وسمحت كيرول كرايست مستشارة الجامعة في بيركلي للطلبة بالحفاظ على مساحة احتجاج في الحرم الجامعي منذ أن بدأوا في نصب الخيام في 22 أبريل نيسان على درج قاعة سبراول حيث ألقى مارتن لوثر كينج خطاب الحقوق المدنية عام 1967. وقال دان موجولوف، المتحدث باسم الجامعة، إن الأمر ظل على حاله يوم الأربعاء بعد ساعات من استدعاء جامعتي كاليفورنيا-لوس انجليس وكولومبيا للشرطة.

وقال موجولوف "تتمتع جامعة كاليفورنيا-بيركلي بخبرة طويلة في الاحتجاج السياسي السلمي"، مضيفا أن الجامعة تتعامل مع المظاهرات بما يتماشى مع سياسة جامعة كاليفورنيا.

ويمثل ذلك توجيها لمديري الجامعة بتجنب تدخل الشرطة ما لم يكن ذلك ضروريا جدا وما لم يشكل الوضع تهديدا للسلامة الجسدية للطلاب وأعضاء هيئة التدريس والموظفين.

وهذه السياسة نادرة إذ أن معظم الجامعات لديها لوائح تحظر نصب مخيم بصفة دائمة وكذلك الأنشطة الطلابية المسائية داخل الحرم الجامعي.

وشهد نظام جامعة كاليفورنيا في الماضي النتائج التي ما قد يؤدي إليها تدخل الشرطة.

في احتجاج في 2011 في بيركلي خلال حركة (احتلال) ضد انعدام المساواة الاقتصادية، انهالت شرطة الحرم الجامعي على طلاب بالضرب بالهراوات. واعتذر مستشار الجامعة في ذلك الوقت، روبرت جيه. بيرجيناو، ثم تحول النظام الجامعي إلى سياسة ضبط النفس التي وصفها موجولوف المتحدث باسم بيركلي.

وخلال الاحتجاجات الحالية، يسعى إداريون في أنحاء البلاد إلى تخفيف التوتر بطريق المحادثات. ففي ولاية إيلينوي، توصلت جامعة نورث وسترن إلى اتفاق مع محتجين لإزالة الخيام وأنظمة الصوت مقابل تشكيل لجنة استشارية جديدة فيما يتعلق بالاستثمارات، وهي سياسة رئيسية بالنسبة للطلاب المعترضين على علاقات الجامعة المالية بشركات تدعم حكومة إسرائيل.

ووافق محتجون في جامعة براون في ولاية رود ايلاند أيضا على إنهاء اعتصامهم مقابل تصويت مؤسسة الجامعة على سحب التمويل من الشركات المرتبطة بهجمات إسرائيل العسكرية على غزة.

لكن بعض الاتفاقات فشلت في إنهاء التوتر. فرغم موافقة جامعة بورتلاند ستيت في ولاية أوريجون على تعليق التبرعات من بوينج، وهي شركة تصنّع طائرات الهليكوبتر الهجومية المستخدمة في غزة، استمر الطلاب هناك في احتلال المكتبة ونقشوا رسائل مثل "أنهوا الإبادة الجماعية الآن" على النوافذ.

ومن بين العوامل الأخرى المؤثرة في ظل مسعى المؤسسات إلى الموازنة بين حرية التعبير والأمن في ساحات الحرم الجامعي طريقة تفاعل الطلاب مع التطورات اليومية في الشرق الأوسط، بالإضافة إلى طريقة تفاعلهم مع التطورات اليومية في ساحات الحرم الجامعي الأخرى في الولايات المتحدة.

وتثبت جامعة كولومبيا على نحو متكرر أنها منارة للتحركات الاحتجاجية في جامعات أخرى. وقالت مينوش (نعمت) شفيق رئيسة الجامعة إن الحرم الجامعي صار "لا يطاق"، مشيرة إلى عوامل متباينة من لهجة معادية للسامية إلى احتجاجات صاخبة تستمر حتى في ساعات الليل.

وأضافت في بيان يوم الاثنين "حقوق مجموعة ما في التعبير عن آرائها لا يمكن أن تكون على حساب حق مجموعة أخرى في التحدث والتدريس والتعلم".

ويتهم المناهضون للاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين المشاركين في هذه الاحتجاجات بمعاداة السامية، وهو اتهام ينفيه بشدة الطلاب المحتجون ومؤيدوهم من الجامعة.

وقال زاك جرينبرج المحامي المؤيد لحرية التعبير إنه لا مبرر للقمع الشرطي بغض النظر عن حجم الكراهية أو الإساءة في لغة التعبير المستخدمة في ساحات الحرم الجامعي.

وأضاف جرينبرج "من الأفضل دوما مكافحة التعبير الذي لا يعجبكم بمزيد من التعبير". وجرينبرج قائد برنامج في جماعة (فاير) للدفاع عن الحقوق في ساحات الحرم الجامعي.

(إعداد محمد علي فرج ومحمد أيسم للنشرة العربية - تحرير محمد محمدين وأيمن سعد مسلم)

2024-05-02T20:49:23Z dg43tfdfdgfd